ليس دور الاعلام ان يعيد صدى الضجيج، ولا ان يتماهى مع كل ما يطفو في سطح التفاعل الرقمي من انفعالات ظرفية ومواقف موسمية.
فحين يصبح “الرائج” هو المعيار، تفقد الكلمة معناها، ويتحول النقاش العام الى مرآة مهشمة تعكس كل شيء ولا توضح شيئا.
نحن لا نكتب لنرضي، ولا نمارس التحرير من اجل التنقيط الجماهيري. لان الصحافة التي تعيش على عدد التعليقات، تموت بجرعة مبالغ فيها من السخرية. وحين يتحول الفيسبوك الى سلطة مزاج، تفقد السلطة الرابعة وزنها، وتتحول الى منصة تنافس نجوم التفاهة بدل مساءلة الواقع.
الاعلام الجاد لا يستمد شرعيته من “الاكثر تداولا”، بل من انسجامه مع خط تحريري واضح، لا يتلون مع الموجة، ولا يرتعد امام صراخ افتراضي.
نحن نكتب بما نعتقده صوابا، لا بما يتوقعه البعض ان يقال. وفي سجلنا، كما يعلم كل من يتابع بنزاهة، صفحات كثيرة من النقد الصارم، والتقارير التي عرت الخلل، والمواقف التي لم تجامل منتخبا ولا مسؤولا.
لكن النقد، حين يتحول الى جلد جماعي، والصورة الجزئية حين ترفع الى مقام الحقيقة المطلقة، والراي حين يختصر في نكتة او موجة هاشتاغ، تصبح الصحافة في مواجهة واجب الصمت او مسؤولية التصويب. ونحن اخترنا التصويب.
لا يزعجنا ان نهاجم، ولا ان تخالفنا الجموع. فالديمقراطية لا تقاس بالتعليق، والنزاهة لا تختبر بالمزاج العام، والوفاء للمدينة لا يكون بالصراخ من خلف الشاشات، بل بالوعي، والمتابعة، والتقييم المسؤول.
ان طنجة، كما نراها، لا تحتاج من يعيد اجترار السخط، بل من يتابع يقظة، ويقترح بدائل، ويواكب تحولات مدينة تتغير رغم كل التعقيدات. وفي زمن تسيدت فيه الاصوات العالية، نحن نؤمن ان اكثر المواقف جدية، هي التي تقال بهدوء، ولكن بثقة لا تنكسر.
ولهذا، نحن نكتب… لا لنربح الجولة، بل لنظل في المسار.