ليس في الأمر بطولة، ولا رغبة في كتابة “بداية جديدة”. فالتجربة هنا لم تبدأ اليوم، ولا نحتاج إلى ادعاء لحظة ولادة لم نعرفها أصلا. ما نفعله ببساطة، هو إعادة ترتيب الحكاية، من مكان مختلف، وبنبرة أقل مجاملة، وأكثر جرأة.
“الشمال نيوز” ليس ببديل، ولا نطمح أن نكون الجواب عن كل الأسئلة، لكننا نريد أن نكون سؤالا ملحا وسط مشهد استأنس بالتكرار. نحن لا نزاحم من سبقونا، ولا نحلم بإسقاط ما هو قائم، بقدر ما نحاول أن نقول: يمكن أن يكتب هذا الشمال بطريقة أخرى.
هذا المشروع ليس وليد حماسة عابرة، ولا نتيجة حسابات تقنية في تسويق المحتوى، ولا ثمرة شراكة مدفوعة بـ”أجندة”. هو خلاصة سنوات من الملاحظة، من الصبر، من التردّد، ومن خيبات لم تُهزم بالكامل.
وُلد في لحظة بدا فيها كل شيء مُمكنا، لكنه أيضا جاء من قلب الإرهاق، من تراكم أسئلة مهنية مؤجلة، ومن الحاجة إلى فضاء لا يُصادر حريتنا في قول ما نراه، لا ما يُتوقع منا قوله.
نحن لا نَعِد القارئ بـ”سبق صحفي” كل صباح، ولا بتحقيقات نارية تقلب الطاولة، ولا بمقالات تكتبها الخوارزميات لترضية محركات البحث. ما نعد به فقط هو هذه البصمة: أن يكون لما نكتبه موقف، أن يكون لما نرصده أثر، وأن يكون لما نغفله سبب مهني لا كسل أو إملاء.
في “الشمال نيوز”، لا نؤمن بالحياد المعقم. نكتب من موقع الانتماء، وننحاز لما نراه جوهريا في معركة الوعي، مهما بدا هامشيا في نظر من يركضون خلف “الترند”.
نحن نعرف الشمال كما يُعاش، لا كما يُصور. نعرف وجعه وعنف تحوّلاته، ونعرف أنه لا يحتاج إلى مزيد من الخطاب، بل إلى من يُعيد تشكيل اللغة حوله.
هذه المنصة لا تتعهد بالكمال، لكنها تعد بالصدق. لا تزعم امتلاك الحقيقة، لكنها ترفض أن تتواط مع الزيف.
نُدرك أن الطريق طويل، وأن الخطأ وارد، وأن المنافسة شرسة. لكننا نؤمن أن الاستمرار ليس للمنصات التي تجيد الصراخ، بل لتلك التي تملك ما تقوله حين يصمت الجميع.
“الشمال نيوز” ليست مشروعا فوق السقف، ولا منبرا في حضن المؤسسات، بل محاولة في الهامش، من الهامش، لإعادة مركزية بعض الأسئلة التي اختفت تحت ركام الاستهلاك والخفة.
نحن هنا لنعيد النظر، لا لنعيد التدوير. لنكتب، لا لنعجَب. ولننقل بعضا مما نعيشه، حتى لا يكتَب عنا من لا يعرفنا.