الشمال نيوز
على مرمى البصر من المدينة العتيقة وبمحاذاة الاسوار القديمة، تتهادى السفن السياحية العملاقة نحو ارصفة ميناء طنجة المدينة، الذي يشهد منذ مطلع سنة 2025 اقبالا غير مسبوق من طرف كبريات شركات الرحلات البحرية، في تحول نوعي يعكس نجاح عملية التهيئة التي خضع لها الميناء منذ سنة 2010، والتي اعادت ربط المدينة بواجهتها البحرية المتوسطية بعد عقود من الانفصال العمراني والوظيفي
في غضون اسابيع قليلة فقط، استقبل الميناء سفنا سياحية توصف بكونها “فنادق عائمة” من طراز فاخر، ابرزها السفينة البريطانية كوين فيكتوريا التابعة لشركة كونارد والتي رست يوم 27 ماي وعلى متنها مئات الركاب ضمن جولة متوسطية اطلسية، وسفينة مارينا التابعة لشركة اوشينيا كروزس التي حطت بالميناء يوم 3 ماي، بالاضافة الى السفينة الاسطورية الفرنسية بيلم التي دخلت ميناء طنجة يوم 9 ماي في حدث رمزي استقطب الاف الزوار، الى جانب سفن اخرى مثل سيليبريتي كونستيليشن التي حطت الرحال في ابريل، وسيليبريتي ايكوينوكس المرتقب وصولها يوم 26 يونيو، وعودة منتظرة لسفينة اوشينيا مارينا يوم 3 من نفس الشهر
ويعد هذا التدفق الكثيف نتيجة مباشرة لمسار اعادة التهيئة الذي شهده الميناء منذ سنة 2010، حين اطلقت اشغال طموحة لتحويله من منشاة تجارية وميناء عبور الى فضاء سياحي وترفيهي مندمج في قلب المدينة، بعد نقل الانشطة التجارية والبضائع الى مركب ميناء طنجة المتوسط
وكان المشروع قد شمل بناء محطة بحرية جديدة بمواصفات دولية، وارصفة مخصصة لليخوت وسفن الرحلات الكبرى، وميناء حديث للصيد التقليدي، فضلا عن مساحات عمومية مفتوحة وممرات تربط الميناء بابرز فضاءات المدينة.
وينظر الى هذا الورش كاحد ابرز نماذج اعادة تاهيل الموانئ الحضرية في جنوب المتوسط، حيث تحول من منشاة مغلقة الى واجهة سياحية دينامية تستقبل الاف الزوار اسبوعيا، وتمنح المدينة صورة جديدة تستند الى التاريخ لكنها تنفتح على وظائف الاقتصاد السياحي والثقافي
وعلى ارضية الميناء التي اعيد ترصيصها بعناية، يقف الزوار القادمون من السفن في طوابير قصيرة للحصول على كتيبات ارشادية، بينما تختار اعداد متزايدة التجول مشيا نحو برج دار البارود او باب البحر، او زيارة السوق الداخلي ومتحف القصبة، في رحلة قصيرة لكنها غنية بالتنوع
ويمتد مشروع اعادة التهيئة الذي انتهى سنة 2018، على مساحة تفوق 84 هكتارا، وتندرج مكوناته ضمن رؤية اوسع لتحويل ميناء طنجة المدينة الى قطب متعدد الوظائف يزاوج بين السياحة البحرية والثقافة والترفيه والخدمات، كما يعكس انخراط المدينة في دينامية التسويق الترابي التي تراهن على تعزيز حضور طنجة في شبكات الرحلات السياحية الدولية
وعلى الرصيف، حيث تتوقف هذه الفنادق العائمة لساعات معدودة، تكتب المدينة فصلا جديدا من علاقتها بالبحر، لا كفاصل جغرافي، بل كبوابة مفتوحة على العالم وعلى امكانات اقتصادية وسياحية تتجاوز جغرافيتها المعتادة