الشمال نيوز – متابعة
برزت جهة طنجة تطوان الحسيمة كواحدة من اكثر الجهات استفادة من التوجه العام لتقليص الفقر متعدد الابعاد خلال العقد الاخير، وذلك وفق ما افادت به دراسة وطنية حديثة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط.
وتأتي هذه الدينامية في سياق السياسات العمومية التي اعتمدت خلال السنوات الماضية على منطق الاستهداف المجالي، سواء من خلال برامج الدولة او عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي شكلت رافعة اساسية لتحسين مؤشرات العيش في عدد من الجماعات القروية والمراكز الحضرية الصغيرة.
وبحسب الدراسة التي حملت عنوان “خريطة الفقر متعدد الابعاد: المشهد الترابي والدينامية”، فقد عرفت اغلب جماعات الجهة تراجعا في مؤشرات الفقر، خصوصا تلك التي كانت تسجل نسبا مرتفعة سنة 2014. وشملت التحسينات مختلف اقاليم الجهة، لا سيما شفشاون والحسيمة ووزان، التي لطالما اعتبرت من بين المناطق الاكثر هشاشة على المستوى الوطني.
وتشير المعطيات الى ان الجهة سجلت اداء ايجابيا من حيث تراجع نسب الفقر القروي، حيث ساهمت مشاريع فك العزلة وتوسيع الخدمات الصحية والتعليمية في تحسين الوضع الاجتماعي داخل عدد كبير من الجماعات الجبلية. كما استفادت الجماعات الحضرية من مشاريع البنيات التحتية وتحسين شروط الولوج الى الخدمات الاساسية.
وسجلت الدراسة ان نسبة الفقر متعدد الابعاد تراجعت على مستوى المملكة بما يقرب من النصف، وهو اتجاه شمل 93,8 في المائة من الجماعات، من بينها نسبة مهمة من جماعات جهة طنجة تطوان الحسيمة. كما انخفض معدل الفقر في الجماعات التي كانت مستهدفة في المرحلتين الاوليتين من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من 27,8 في المائة سنة 2014 الى 15,5 في المائة سنة 2024، وهو ما ينطبق على عدد مهم من جماعات اقليم شفشاون على وجه الخصوص.
ويؤكد مهتمون بقضايا التخطيط المجالي ان التقدم المسجل في جهة الشمال يعكس نجاح منهجية الاستهداف الترابي، ويبرز في الوقت ذاته الحاجة الى تعميق الجهود في عدد من المناطق التي لا تزال تسجل نسب فقر مرتفعة، خاصة في الجماعات الجبلية النائية.
وتظل جهة طنجة تطوان الحسيمة، رغم هذا المسار الايجابي، معنية بتقليص الفوارق المجالية داخل اقاليمها، وتعزيز العدالة المجالية بين الحواضر الكبرى مثل طنجة وتطوان من جهة، والمناطق القروية الهامشية من جهة اخرى، في افق تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة.
وتوفر خريطة الفقر متعدد الابعاد، التي اعتمدت على معطيات الاحصاءين العامين لسنتي 2014 و2024، رؤية دقيقة لفهم مختلف اشكال الحرمان الاجتماعي، وتشكل مرجعا اساسيا لتوجيه السياسات العمومية والبرامج الجهوية وفق خصوصيات كل مجال ترابي.