فضاء مفرغ كان اسمه “البلاصا الجديدة”.. سوق الرمل يعزز دينامية التهيئة الحضرية في طنجة

في خضم الاوراش المفتوحة بمدينة طنجة لتاهيل بنيتها التحتية وتحسين جاذبيتها الحضرية، يبرز مشروع اعادة تهيئة الفضاء الذي كان يحتضن سوق الرمل، المعروف محليا باسم البلاصة الجديدة، كاحد ابرز التدخلات التي تعكس تحولا في مقاربة تدبير الفضاءات السوسيواقتصادية.

ويندرج المشروع ضمن زخم من العمليات الميدانية التي تستهدف تثبيت نمط وظيفي جديد للتهيئة، في وقت تعرف فيه المدينة ضغطا سكانيا متصاعدا واستعدادات لمواعيد تنظيمية كبرى على راسها كاس العالم 2030.

ويتم تنفيذ الورش فوق وعاء عقاري متوسط الامتداد في نقطة تقاطع تعرف تدفقات يومية مرتفعة للراجلين والمرتفقين، خصوصا من سكان المناطق القريبة.

وقد ظل السوق في شكله السابق يحتضن انشطة مرخصة داخل محلات ثابتة، لكنه عرف خلال السنوات الاخيرة تدهورا بنيويا كبيرا، سواء على مستوى التجهيزات الداخلية، او الولوجيات، او البنية التحتية الخاصة بالصرف والماء والكهرباء، ناهيك عن الفوضى المحيطة به التي اثرت على السير والجولان.

وقد دفع هذا الواقع جماعة طنجة، بتنسيق مع شركاء مؤسساتيين، الى اعتماد تدخل اعمق من مجرد الترميم، من خلال هدم السوق القديم واطلاق اشغال تهيئة شاملة تواكب التحولات الحضرية التي تعرفها المدينة، مع احداث مركب متعدد الوظائف يستجيب لحاجيات التجار والمرتفقين.

مركب تجاري بمواصفات وظيفية

يتضمن المشروع انجاز مركب تجاري وخدماتي من طابقين، يضم 198 محلا تجاريا مرخصا، و48 نقطة بيع مخصصة للخضر والفواكه والاسماك، اضافة الى خمس وحدات خدماتية تشمل مطاعم، مرافق تموين، قاعة للصلاة ومرافق صحية.

كما سيتم انشاء مرآب متعدد الطوابق على مساحة تقارب 29 الف متر مربع، بطاقة استيعابية تصل الى 441 سيارة، منها 14 مكانا مخصصا للاشخاص في وضعية اعاقة. وتشمل الاشغال ايضا تهيئة الارصفة المجاورة للموقع، وتقوية البنية التحتية المحيطة به، من دون توسيع فعلي لشارع فاس او تغيير عرضه الحالي.

وتشير مصادر مسؤولة بجماعة طنجة الى ان المشروع يرتكز على دراسة تقنية مسبقة اخذت بعين الاعتبار الضغط المتزايد على المنطقة، والطبيعة التجارية للموقع، دون الدخول في توسعات عمرانية قد تتطلب اعادة تصاميم اوسع.

وقد تم تحديد مدة تنفيذ المشروع في 18 شهرا، تشمل اشغال الهدم، الحفر، البناء، التجهيز والتسليم. ويعد المشروع احد ابرز اوراش برنامج عمل الجماعة الذي يركز على تاهيل المرافق الجماعية ذات الطابع الاقتصادي، خاصة في المناطق التي تعاني ضغطا عمرانيا او اختلالات في التنظيم.

آفاق جديدة لاستغلال المركب

ويتابع عدد من المهنيين الذين سبق لهم استغلال السوق قبل الهدم تقدم الاشغال بالموقع، في انتظار بلورة تصور رسمي حول كيفية تدبير المركب الجديد بعد اكتمال الاشغال.

ويامل هؤلاء ان يتم التعامل مع المرحلة المقبلة بمعايير واضحة ومنصفة، تراعي مسارهم المهني السابق، وتضمن شروطا عادلة للولوج الى الفضاء الجديد، دون اقصاء او تمييز.

وفي تصريح سابق، قال منير ليموري، رئيس جماعة طنجة، ان المشروع يمثل نموذجا للتدخل الميداني الذي يربط بين التنظيم والعقلنة والبعد الاجتماعي، مضيفا ان الجماعة تشتغل على ضمان استمرارية هذه التجربة، واعتمادها كمرجع لتدخلات اخرى مماثلة في مواقع متعددة بالمدينة.

ويرى متتبعون ان المشروع لا يكتسي اهمية فقط من حيث بنيته، بل من زاوية التنزيل الواقعي لنموذج التاهيل داخل محور تجاري وسكاني نشيط، مشيرين الى ان ورش البلاصة الجديدة سيكون تحت مراقبة فعلية من طرف الراي العام المحلي، بالنظر الى حجم الانتظارات، وسوابق فشل مشاريع مماثلة بسبب غياب الوضوح في الاستغلال او ضعف المواكبة بعد التسليم.

ويُرتقب ان يشكل المشروع بعد اكتماله نقطة تحول في تنظيم النشاط التجاري بالموقع، خاصة في ظل توفر مكونات تهيئة حديثة، ورؤية تدبيرية واضحة تراهن عليها الجماعة وشركاؤها المؤسساتيون.

لا توجد تعليقات