عاد مجمع فال فلوري التابع لمجموعة الضحى العقارية بمدينة طنجة الى واجهة الجدل، بعد ظهور مؤشرات جديدة على هشاشة بنيوية خطيرة داخل عدد من الشقق، رغم تصنيفه ضمن فئة السكن المتوسط، في وقت تتصاعد فيه تساؤلات متجددة بشأن مراقبة جودة المشاريع العقارية والضمانات الممنوحة للمواطنين.
وتظهر صور موثقة وضعا كارثيا في بعض الشقق التي جرى تسليمها مؤخرا، وسط تسربات واسعة لمياه الصرف الصحي، وتلف في الشبكة الصحية، وانهيارات جزئية داخل الجدران، بالاضافة الى فجوات واضحة في البنية الخرسانية وارضيات متآكلة، ما يعكس تدهورا بنيويا يصعب تبريره في مشروع لا يصنف ضمن السكن الاقتصادي.

في احدى الحالات التي تواصلت معها صحيفة “الشمال نيوز”، افاد مستفيد من الشقق بأنه دفع مبلغ 420 الف درهم مقابل وحدة سكنية بالمجمع، بعدما أتم جميع الدفوعات المطلوبة من طرف الشركة التجارية، استجابة لالحاح وكلاء البيع، قبل ان يتفاجأ بتسليم شقة في “وضع لا يصلح حتى للايواء المؤقت”، على حد تعبيره.
وتظهر الصور المتوفرة، تراكم المياه الآسنة في الممرات الداخلية، وتفكك انظمة الصرف، اضافة الى ثقب كبير في أحد جدران الحمام يكشف عن انابيب غير مغطاة.

ولم تكن هذه اولى مؤشرات الهشاشة داخل المشروع، اذ سبق لمجمع فال فلوري ان كان موضوع احتجاجات واسعة في السنوات الماضية، حين اطلق العشرات من السكان حملة علنية لتسليط الضوء على ما وصفوه بـ”الاختلالات الكارثية” التي طالت البنية التحتية الاساسية، من رطوبة دائمة في الطوابق السفلى، الى انبعاثات روائح كريهة، وتعطل المصاعد، وغياب منافذ السلامة والانارة العمومية داخل الاروقة.
وتشير شهادات متطابقة من سكان سابقين بالمجمع الى ما اعتبروه “تماطلا منهجيا” من طرف الشركة في التجاوب مع الشكايات، وغياب اي تدخل تقني فعال لاصلاح الاضرار رغم التوثيق الميداني والوساطات المدنية التي اطلقت على فترات.
وتطرح هذه الوضعية اسئلة متزايدة حول فعالية آليات المراقبة الحضرية، ومدى احترام دفتر التحملات في المشاريع العقارية الموجهة للطبقة المتوسطة، والتي تسوق غالبا على اساس الجودة والمساحة والموقع، قبل ان يصطدم المستفيدون بواقع مغاير فور التسليم.
وفي ظل هذا السياق، تطالب اصوات مدنية وتقنية بفتح تحقيق مستقل لتحديد الاسباب الكامنة وراء هذا التدهور، وتحديد المسؤوليات بدقة، سواء تعلق الامر بالمقاولة المنجزة او بالاطراف المفترض ان تراقب مراحل الانجاز، مع الدعوة الى تعويض المتضررين وفق ما ينص عليه القانون، وتوفير حلول استعجالية لاصلاح الوحدات السكنية المتضررة حماية لصحة وسلامة القاطنين.
وتزداد حدة الاستياء بالنظر الى الاهمية الحيوية التي تكتسيها منطقة فال فلوري داخل المجال الحضري لمدينة طنجة، باعتبارها من الاحياء الحديثة التي شهدت توسعا عمرانيا لافتا خلال العقدين الاخيرين، وتستقطب شريحة واسعة من الاسر المتوسطة الباحثة عن سكن بمواصفات افضل من عروض السكن الاقتصادي.
ويزيد من حساسية الوضع ان المجمع يقع في منطقة مصنفة ضمن النطاق العمراني النشيط، مما يفرض التزامات مضاعفة من حيث الجودة والسلامة ومواكبة المعايير التقنية المعتمدة في المشاريع السكنية المماثلة.