“صوماجيك باركينغ” .. تحت الأرض تكتب حكاية التحدي والابتكار

في مدينةٍ تتسابق شوارعها مع الزمن، وتضيق أرصفتها بأنفاس المارة والمركبات، برز اسم “صوماجيك باركينغ” كمقاولة مغربية قررت أن تبدع في الصمت، وتخط بصمتها تحت الأرض، حيث تصنع المعمار ذكاء، ويصبح الوقوف فنا مدينيا خالصا.

ليست “صوناجيك باركينغ” مجرد شركة تدبير لمواقف السيارات، بل مختبر حضري هندسي يشتغل على تنظيم الفوضى، بآليات متقدمة وبعين مفتوحة على المستقبل.

في مدينة طنجة، الحاضرة التي تنمو على إيقاع المتوسط والأطلسي معا، أنشأت “صوماجيك باركينغ” شبكة من المواقف التحت أرضية ضمن برنامج “طنجة الكبرى”، مستثمرة أكثر من 400 مليون درهم من رأسمالها الخاص، في إطار شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص.

فقد أنجزت الشركة 14 موقفا عصريا، بطاقة استيعابية تفوق 2200 مكان، في مواقع حساسة من مركز المدينة، أعادت من خلالها تنظيم تدفق العربات، وفك اختناق كان يبدو مستعصيا على الحل.

غير أن  الفكرة ليست في مجرد إحداث مواقف، بل في صياغة فضاءات ذكية توفّر للمدينة متنفسا عمرانيا متكاملا. فداخل هذه المواقف، تشتغل التكنولوجيا في صمت: أنظمة إرشاد رقمية توجه السائق بدقة نحو الأماكن المتوفرة، إنارة ذكية تتفاعل مع الحركة، بوابات إلكترونية تراقب وتتحكم، وكل ذلك مربوط بتطبيق هاتفي يتيح الحجز المسبق والدفع الرقمي بسلاسة وفعالية. إنها تجربة حضرية متكاملة، حيث لا مجال للصدفة، ولا مساحة للهدر، بل كل شيء محسوب ومنضبط.

وتدرك الشركة أن المدن الحديثة لا تقاس فقط بأبراجها وواجهاتها، بل بقدرتها على تدبير التفاصيل التي تصنع راحة المواطن اليومية.

لذلك، تم تصميم كل موقف وفق مقاربة هندسية دقيقة، تراعي خصوصيات كل موقع حضري، من حيث الانحدار، والمساحات، وتدفقات المرور. فلا يوجد نموذج مكرر، بل حلول مكيفة بعناية، تنسجم مع النسيج العمراني للمدينة وتخدم وظائفه الحيوية.

داخل هذه الفضاءات الإسمنتية المنظمة، لا يترك شيء للارتجال. كاميرات مراقبة عالية الدقة، أنظمة تهوية تضمن جودة الهواء، مخارج طوارئ مصمّمة وفق المعايير الدولية، تجهيزات مكافحة حرائق موزعة بعناية، فضلا عن خدمات تكميلية مثل محطات شحن للسيارات الكهربائية، وغسل السيارات، وأماكن مخصصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

كل تفصيلة محسوبة بعين خبير، لتتحول المواقف من مجرد خدمة إلى تجربة حضرية آمنة، عصرية، ومريحة.

وما ميّز تجربة “صوماجيك باركينغ” بطنجة، أنها لم تكتف بخلق فضاءات للوقوف، بل ساهمت في تحرير الساحات والواجهات، وإعادة الحياة للأسطح التي كانت تغرق في الفوضى. فبعد إنزال السيارات تحت الأرض، تم تحويل العديد من هذه الساحات إلى حدائق وممرات راجلة ومنصات للأنشطة والتفاعل الاجتماعي، في انسجام تام مع روح المدينة المنفتحة على الفن والمعمار والسياحة. لقد استعاد الراجلون أماكنهم، ووجدت المدينة توازنها من جديد.

هذا المستوى من الاشتغال لا يأتي من فراغ، بل من رؤية مقاولاتية تؤمن بأن التدبير ليس مجرد تسيير، بل بناء لثقة المواطن في الفضاء العمومي. فالشركة لم تدخل مجال الوقوف لتضع علامات وأسعار، بل لتعيد ترتيب العلاقة بين المواطن والمجال الحضري، بين المركبة والرصيف، بين الحركة والنظام.

وفي ظل التحولات الكبرى التي تعرفها المدن المغربية، لا سيما مع الإعداد لاستحقاقات تنظيمية مثل كأس العالم 2030، تبدو “صوماجيك باركينغ” نموذجا لمقاولة مغربية تسير بثبات في اتجاه الحداثة، عبر تحديث البنيات، ورقمنة الخدمات، والرفع من جودة العيش الحضري. فهي لا تُعلن عن نفسها، ولا تتسابق نحو الأضواء، بل تنجز في العمق، وتترك النتائج تتكلم.

صوماجيك باركينغ اليوم ليست مجرد مشغّل لمواقف السيارات، بل فاعل حضري مساهم في إعادة تشكيل العلاقة بين المدينة وسكانها، وبين الفضاء العام والتقنيات. فلقد أنشأت شبكة تحتية ذكية تنبض بالحياة تحت الأرض، لتمنح ما فوقها مزيدا من الانسياب، والراحة، والجمال.

وفي زمن تتقاطع فيه المدن مع الذكاء الاصطناعي، ومعايير الاستدامة، والتحول الرقمي، تكتب “صوماجيك باركينغ” سطورها بصمت، وبنفس طويل. تحت الأرض، تبني ما يستحق أن يُشاد به فوقها: مدينة منظمة، فعالة، تحترم زمن مواطنيها، وتنتصر للجودة في أدق تفاصيلها.

لا توجد تعليقات