مؤشرات دولية تبرز صمود طنجة أمنيا أمام الضغوطات الديمغرافية والاجتماعية

الشمال نيوز من طنجة

رغم الضغوط السكانية المتصاعدة خلال العقد الاخير، تواصل مدينة طنجة الواقعة شمال المغرب الحفاظ على مستوى متقدم من الاستقرار الامني، وفق مؤشرات دولية ومعطيات رسمية حديثة، في وقت ارتفع فيه عدد سكان المدينة باكثر من 300 الف نسمة، ما يعادل تعداد مدينة بحجم تطوان.

فبحسب نتائج الاحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، شهدت طنجة نموا ديمغرافيا لافتا، جعلها تتصدر المدن المغربية من حيث معدل التوسع السكاني. ورغم الانعكاسات الاجتماعية المرافقة لهذا النمو، تمكنت المدينة من الحفاظ على مستوى مقبول من الامان، حسب ما تظهره التصنيفات الدولية المتخصصة.

ومنح موقع Numbeo، الذي يصدر سنويا مؤشرات الامن في المدن، طنجة برسم سنة 2025 مؤشرا للجريمة قدره 49.78 نقطة، ما يضعها ضمن الفئة “المعتدلة”، وافضل حالا من الدار البيضاء التي سجلت 55.26، والرباط بـ60.13. كما بلغ مؤشر الامان في طنجة 50.22 نقطة، وهو ما يعكس تحسنا تدريجيا مقارنة بسنوات سابقة.

هذا الاداء يعززه كذلك ما ورد في التقرير السنوي للمديرية العامة للامن الوطني، التي سجلت على الصعيد الوطني معدل زجر بلغ 95 في المئة خلال سنة 2024، وهو الاعلى منذ عقدين.

وتشير نفس الوثيقة الى استمرار مدينة طنجة ضمن الحواضر الكبرى التي تشهد انخفاضا تدريجيا في الجريمة العنيفة، مع تسجيل تطور ملحوظ في مؤشرات الاستباق والتدخل السريع.

ويستند جزء من هذا التحسن الى البنية التقنية التي تم تعزيزها على امتداد السنوات الاخيرة، خصوصا من خلال مشروع “طنجة مدينة امنة”، الذي ادى الى تركيب اكثر من 800 كاميرا مراقبة عالية الدقة، موزعة على المحاور الرئيسية، والمناطق الحساسة، ومداخل المدينة.

كما ساهم توسع منظومة المراقبة في محيط المنشآت الحيوية، بما في ذلك مطار طنجة الدولي والميناء المتوسطي، في احباط عدد كبير من محاولات الهجرة غير النظامية، حيث سجل التقرير السنوي للمديرية احباط 32 الف محاولة هجرة خلال 2024، انطلقت نسبة هامة منها من عمالة طنجة اصيلة.

وبينما تزداد الضغوط المرتبطة بالتوسع العمراني والهجرة الداخلية، لا تظهر المؤشرات المتوفرة حتى الان تحولا نوعيا في منحى الجريمة بالمدينة، ما يعتبر، وفق تقييمات متقاطعة، نتيجة مباشرة لمقاربة امنية تدمج الرقابة التكنولوجية بالانتشار الميداني المنظم.

ومع ذلك، فان تحديات السكن، وتفاوت الخدمات، والتوسع غير المتحكم فيه في بعض الاحياء الهامشية، تمثل عوامل قابلة للتاثير على استقرار الاحياء مستقبلا، ما لم تتم مواكبتها بسياسات حضرية دامجة.

في خضم هذا التوازن الهش بين الامن والدينامية السكانية، تبرز طنجة كنموذج حضري وطني استطاع حتى الان ان يستوعب التحولات الديمغرافية دون ان يفقد السيطرة على المجال العام. غير ان الحفاظ على هذا المكسب يظل رهينا بمدى قدرة الفاعلين المحليين على تسريع وتيرة الادماج الاجتماعي وضمان العدالة المجالية داخل المدينة.

لا توجد تعليقات