قضية “قيلش” تُعيد أشهر “فضيحة” في تاريخ كلية تطوان إلى الواجهة

في سابقة مثيرة هزت الأوساط الجامعية المغربية، عادت قضايا الفساد في التعليم العالي إلى الواجهة بعد تفجر فضيحة مدوية بكلية الحقوق التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، بطلها أستاذ جامعي وقيادي حزبي بارز متهم بالاتجار في الشهادات العليا والتلاعب في مباريات التوظيف.

الفضيحة، التي وصفت بأنها من الأكبر في تاريخ الجامعات المغربية، أعادت إلى الأذهان ملفا أخلاقيا كان “فضيحة كبيرة”، شهدته جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، في ما كان يُعرف في 2017 إعلاميا بفضيحة “الجنس مقابل النقاط”.

وحسب ما ذكرته تقارير وطنية، فإن أستاذ أكادير، أحمد قيلش وُضع مؤخرا رهن الاعتقال على خلفية اتهامات ثقيلة تتعلق ببيع شهادات الماستر والتدخل في مباريات التوظيف مقابل مبالغ مالية ضخمة. وقد تفجّر الملف عندما اعترف موثق معتقل بحصوله على شهادة جامعية دون اجتياز أية مباراة أو حضور دروس، مقابل مبلغ 25 مليون سنتيم، وهو ما فتح باب التحقيقات على مصراعيه، كاشفا شبكة تضم أساتذة ومحامين وموظفين تورطوا في عمليات تزوير وتلاعب امتدت لسنوات.

والمثير أن التحقيقات أظهرت وجود أكثر من 8 مليارات سنتيم في حساب زوجة الأستاذ المتهم، وهي محامية، مما زاد من تعقيد الملف وأثار شبهات بتبييض أموال ناتجة عن نشاط غير قانوني، وقد امتدت تداعيات القضية لتشمل متهمين آخرين، من بينهم أساتذة ومحامون وموظفون، وسط مخاوف من أن تجرّ التحقيقات مسؤولين كباراً في الجامعة أو حتى في وزارة التعليم العالي.

وبينما تعيش جامعة أكادير، ومعها الرأي العام الوطني على وقع صدمة هذا الملف، تذكّر آخرون الفضيحة التي انفجرت قبل سنوات في تطوان، عندما تم توقيف أستاذ جامعي بكلية العلوم على خلفية ابتزاز جنسي لطالبات مقابل منحهن نقاطاً مرتفعة. القضية التي تفجرت بعد نشر محادثات جنسية على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت قد أثارت ضجة كبرى دفعت الطلبة إلى الاحتجاج في الشوارع، بينما تم اعتقال الاستاذ بعد افتضاح أمره.

وقد أظهرت التحقيقات حينها أن الأستاذ استغل سلطته الأكاديمية لإقامة علاقات جنسية مع عدد من الطالبات داخل مكتبه، بل وأحيانا في أماكن خاصة خارج الحرم الجامعي، مقابل منحهن امتيازات دراسية غير مستحقة. ولاحقا، تأكدت النيابة العامة من وجود حالات هتك عرض تحت الإكراه، وتم اعتقال الأستاذ ومتابعته بتهم ثقيلة من بينها التحرش الجنسي واستغلال النفوذ وتسريب نتائج المداولات.

وحسب تعليقات العديد من المهتمين بشأن التعليم في المغربي، فإن الجامعتين، وإن اختلفت طبيعة الفضيحتين بين استغلال جنسي وابتزاز مالي، تشتركان في كشف واقع مقلق داخل مؤسسات التعليم العالي، حيث يبدو أن النفوذ الأكاديمي يمكن أن يتحول إلى أداة للابتزاز والإثراء غير المشروع في ظل غياب رقابة صارمة وآليات حماية للطلبة.

ولعل ما يجعل من فضيحة أكادير أكثر إثارة هو انخراط الفساد في “هندسة مؤسساتية” معقدة، تتقاطع فيها المصالح الأكاديمية والسياسية، خاصة أن الأستاذ المتهم يشغل أيضا منصبا قياديا في حزب الاتحاد الدستوري. هذه العلاقة بين السلطة الحزبية والمنصب الجامعي فتحت نقاشا حادا حول توظيف النفوذ السياسي في مؤسسات يفترض فيها الحياد والنزاهة.

لا توجد تعليقات